منذ الايام الاولى فى حياتى الفكرية التى بدأت - ككل حيوات المصريين - متعسرة
مليئة بالهواجس والافكار المزورة والبوسترات الضخمة من المعانى الملفقة
ورغم التربية الاصولية التى انشأت فينا لا مبالاة رهيبة تجاه الاشياء الكريهة والصعبة
واستخفاف بقيم جمالية كثيرة وقيدتنا بقيود ضيعت علينا الكثير
من بين البوسترات الكبيرة جدا فى حياتى هى بوستر للزعيم جمال عبد الناصر ...
فمنذ ان كنت طفل غير ابه ولا متقى لشر ومتقد النظرة الى كل شئ
راغب فى معرفة اى شئ وكل شئ ... انشأت داخلى صورة مزيفة لشئ مزيف
اسمه جمال عبد الناصر
عشت الطفولة كاى مصرى او عربى او افريقى ارى صورة البطل علم على الكولونيل ناصر
بدون اى محاولات من المسؤلين عن النشأة ازالة المغالطة
ربما اكون متحاملا او انظر من اسفل لكن ما رايته ما قراته يجعلنى راضيا عن كلامى
فى فيلم الكرنك .... ترى اللهفة المريضة على السلطة والرغبة الجامحة فى الظلم
فى فيلم الكرنك .... ترى اللهفة المريضة على السلطة والرغبة الجامحة فى الظلم
والتلذذ بالاستكانة والانخداع وتملؤك كمية هائلة من الشفقة على الظالم والمظلوم
عندما رايت الفيلم ... تذكرت كلمات للعظيم امل دنقل يقول:
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
=======================
اثناء الفيلم جرت جملة على لسانى مرارا "الى الجحيم يا عبد الناصر